656 - سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، يَا مُجِيبَ الدَّعَوَاتِ، يَا مَنْ بِيَدِهِ خَزَائِنُ الأَرْضِ وَمَلَكُوتُ السَّمَوَاتِ، يَا مَنْ جَعَلَ الدُّعَاءَ سِلاَحًا لِلْأَنْبِيَاءِ، وَجَنَّةً لِلْأَتْقِيَاءِ. أَنْتَ اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ، دَعَوْتَنِي إِلَى نَفْسِكَ تَلَطُّفًا، وَأَذِنْتَ لِي فِي دُعَائِكَ وَمَسْأَلَتِكَ تَكَرُّمًا، إِذْ قُلْتَ: {فَإِنِّي قُرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانٍ}. إِلَهِي، أَنْتَ الَّذِي أَمَرْتَ بِالدُّعَاءِ وَسَمَّيْتَهُ (عِبَادَةً)، وَضَمِنْتَ الإِجَابَةَ إِذْ قُلْتَ: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ، إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}. فَلَوْلاَ أَنَّكَ أَمَرْتَنَا بِالدُّعَاءِ، وَقُلْتَ: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً}، وَلَوْلاَ أَنَّكَ حَتَّمْتَ الدُّعَاءَ وَقُلْتَ: {قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلاَ دُعَاؤُكُمْ) لَنَزَّهْنَاكَ عَنْ دُعَائِنَا. فَبِرَحْمَتِكَ أَكْرَمْتَنَا بِدُعَائِكَ، وَبِلُطْفِكَ جَعَلْتَنَا أَهْلاً، وَفَتَحْتَ بَابَ فَهْمِنَا بِلَذِيذِ مُنَاجَاتِكَ. إِلَهِي، فَكَيْفَ لاَ أَدْعُوكَ وَأَنْتَ أَنْتَ؟ جَلَّتْ عَظَمَتُكَ، أَلْبَسْتَ أَوْلِيَاءَكَ مَلاَبِسَ هَيْبَتِكَ، فَقَامُوا بِهَا بَيْنَ يَدَيْكَ مُتَضَرِّعِينَ، وَكَيْفَ لاَ تَسْتَجِيبُ لِي وَقَدْ أَجَبْتَ لِأَبْشَعِ خَلْقِكَ إِذْ قَالَ: {رَبِّ أَنْظِرْنِي} فَأَنْظَرْتَهُ. وَكَيْفَ أَدْعُوكَ وَأَنَا أَنَا؟ لاَ أُحْصِي ثَنَاءَكَ، وَلاَ أَبْلُغُ كُنْهَ مَعْرِفَتِكَ. مَوْلاَيَ إِنَّ لِي أَنْ أَسْتَحِيِيَ مِنْ رَبِّي، فَأَدْعُوَكَ كَمَا أَمَرْتَنِي وَلاَ أَدْعُوَ مَعَكَ أَحَدًا. أَدْعُوكَ بِفُنُونِ الدَّعَوَاتِ: أَدْعُوكَ دُعَاءَ الْخَاضِعِ الْحَزِينِ، وَلاَ أَكُونِ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا. أَدْعُوكَ دُعَاءَ مَنْ لاَ يَجِدُ مُغِيثًا غَيْرَكَ وَلاَ مَوْلًى سِوَاكَ. أَدْعُوكَ دُعَاءَ مَنْ ضَاقَتْ وَسِيلَتُهُ وَانْقَطَعَتْ حِيلَتُهُ وَاقْتَرَبَتْ مَنِيَّتُهُ. أَدْعُوكَ بِصَوْتٍ حَائِلٍ حَزِينٍ، قَائِلاً: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، قَدْ جَثَا الْمُسِيئُ الْمَحْزُونُ بِبَابِكَ، وَحَلَّ بِسَاحَةِ قُدْسِكَ وَرَفِيعِ مَقَامِكَ، بِمَعْرِفَتِهِ بِوَحْدَانِيَّتِكَ، وَقَدْ مَدَّ الْخَاطِئُ يَدَيْهِ رَافِعًا كَفَّيْهِ مُلْتَمِسًا، وَرَفَعَ طَرْفَهُ إِلَيْكَ حَذَرًا، وَقَدْ وَفَدَ نَاظِرُ العَيْنِ بِبَابِكَ رَاجِيًا، وَاغْرَوْرَقَتْ عَيْنَاهُ بِالدُّمُوعِ وَعَلَى خَدَّيْهِ سَائِلاً، يَقْرَعُ بَابَ إِحْسَانِكَ بِدُعَائِهِ مُنَاجِيًا: يَا سَرِيعَ الرِّضَا، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَارْحَمْ مَنْ رَأْسُ مَالِهِ الرَّجَاءُ، وَسِلاَحُهُ البُكَاءُ، وَاغْفِرْ لِمَنْ لاَ يَمْلِكُ إِلاَّ الدُّعَاءَ
من مقدمة تحقيقه لكتاب (سلوة الحزين) المعروف بالدعوات - للراوندي657 - {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَزَّلَ الفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا}، فَتَحَدَّى بِأَقْصَرِ سُورَةٍ مِنْ سُوَرِهِ مَصَاقِعَ الْخُطَبَاءِ مِنَ العَرَبِ العُرَبَاءِ فَلَمْ يَجِدْ بِهِ قَدِيرًا، وَأَفْحَمَ مَنْ تَصَدَّى لِمُعَارَضَتِهِ مِنْ فُصَحَاءِ عَدْنَانَ وَبُلَغَاءِ قَحْطَانَ حَتَّى حَسِبُوا أَنَّهُمْ سُحِرُوا تَسْحِيرًا، ثُمَّ بَيَّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ حَسْبَمَا عَنَّ لَهُمْ مِنْ مَصَالِحِهِمْ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ تَذْكِيرًا، فَكَشَفَ لَهُمْ قِنَاعَ الانْغِلاَقِ عَنْ آيَاتٍ مُحْكَمَاتٍ هُنَّ أُمُّ الكِتَابِ وَأُخَرَ مُتَشَابِهَاتٍ هِيَ رُمُوزُ الْخِطَابِ تَأْوِيلاً وَتَفْسِيرًا، وَأَبْرَزَ غَوَامِضَ الْحَقَائِقِ وَلَطَائِفَ الدَّقَائِقِ لِيَتَجَلَّى لَهُمْ خَفَايَا الْمُلْكِ وَالْمَلَكُوتِ وَخَبَايَا قُدْسِ الْجَبَرُوتِ لِيَتَفَكَّرُوا فِيهَا تَفْكِيرًا، وَمَهَّدَ لَهُمْ قَوَاعِدَ الأَحْكَامِ وَأَوْضَاعَهَا مِنْ نُصُوصِ الآيَاتِ وَأَلْمَاعِهَا لِيُذْهِبَ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَيُطَهِّرَهُمْ تَطْهِيرًا، فَمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ فَهُوَ فِي الدَّارَيْنِ حَمِيدٌ وَسَعِيدٌ، وَمَنْ لَمْ يَرْفَعْ إِلَيْهِ رَأْسَهُ وَأَطْفَأَ نِبْرَاسَهُ يَعِشْ ذَمِيمًا وَيُصَلَّى سَعِيرًا
مقدمة تفسير (أنوار التنزيل وأسرار التأويل) - للبيضاوي658 - أَحْمَدُ اللَّهَ أَبْلَغَ الْحَمْدِ، وَأَكْمَلَهُ، وَأَعْظَمَهُ، وَأَتَمَّهُ، وَأَشْمَلَهُ. وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، اعْتِقَادًا لِرُبُوبِيَّتِهِ، وَإِذْعَانًا لِجَلاَلِهِ وَعَظَمَتِهِ وَصَمَدِيَّتِهِ. وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ، وَرَسُولُهُ المُصْطَفَى مِنْ خَلِيقَتِهِ، وَالمُخْتَارُ المُجْتَبَى مِنْ بَرِيَّتِهِ. صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَزَادَهُ شَرَفًا وَفَضْلاً لَدَيْهِ، وَكَرَّمَ
روضة الطالبين - للنووي660 - أَحْمَدُ اللَّهَ عَلَى مَوَاهِبِهِ، وَهُوَ أَحَقُّ مَنْ حُمِدَ، وَأَسْأَلُهُ أَنْ يَجْعَلَنَا مِمَّنْ حَظِيَ بِرِضَاهُ وَسَعِدَ، وَأَسْتَعِينُهُ عَلَى طَاعَتِهِ فَهُوَ أَعَزُّ مَنِ اسْتُعِينَ وَاسْتُنْجِدَ، وَأَسْتَهْدِيهِ تَوْفِيقًا، فَإِنَّ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا
الإحاطة في أخبار غرناطة - لابن الخطيب