أدعية من السلف والمعاصرين

عدد النتائج

651 - يَا مَنْ لاَ يَفِدُ الْوَافِدُونَ عَلَى أَكْرَمَ مِنْهُ، وَلاَ يَجِدُ الْقَاصِدُونَ أَرْحَمَ مِنْهُ. يَا خَيْرَ مَنْ خَلاَ بِهِ وَحِيدٌ، وَيَا أَعْطَفَ مَنْ أَوَى إلَيْهِ طَرِيدٌ، إِلَى سَعَةِ عَفْوِكَ مَدَدْتُ يَدِي، وَبِذَيْلِ كَرَمِكَ أَعْلَقْتُ كَفِّي، فَلاَ تُولِنِي الْحِرْمَانَ، وَلاَ تُبْلِنِي بِالْخَيْبَةِ وَالْخُسْرَانِ، يَا سَمِيعَ الدُّعَاءِ، يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ

مناجاة المتوسلين - الصحيفة السجادية
صاحب الدعاء: علي بن الحسين، زين العابدين
الكتاب: الصحيفة السجادية
المؤلف: علي بن الحسين بن أبي طالب
التخريج: مناجاة المتوسلين - الصحيفة السجادية

652 - يَا مُنْتَهَى أَمَلِ الآمِلِينَ، وَيَا غَايَةَ سُؤْلِ السَّائِلِينَ، وَيَا أَقْصَى طَلِبَةِ الطَّالِبِينَ، وَيَا أَعْلَى رَغْبَةِ الرَّاغِبِينَ، وَيَا وَلِيَّ الصَّالِحِينَ، وَيَا أَمَانَ الْخَائِفِينَ، وَيَا مُجِيبَ دَعْوَةِ الْمُضْطَرِّينَ، وَيَا ذُخْرَ الْمُعْدِمِينَ، وَيَا كَنْزَ الْبَائِسِينَ، وَيَا غِيَاثَ الْمُسْتَغيثِينَ، وَيَا قَاضِيَ حَوائِجَ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ، وَيَا أَكْرَمَ الأَكْرَمِينَ، وَيَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، لَكَ تَخَضُّعِي وَسُؤَالِي، وَإلَيْكَ تَضَرُّعِي وَابْتِهالِي، أَسْأَلُكَ أَنْ تُنِيلَنِي مِنْ رَوْحِ رِضْوَانِكَ، وَتُدِيمَ عَلَيَّ نِعَمَ امْتِنَانِكَ، وَهَا أَنَا بِبَابِ كَرَمِكَ وَاقِفٌ، وَلِنَفَحَاتِ بِرِّكَ مُتَعَرِّضٌ، وَبِحَبْلِكَ الشَّدِيدِ مُعْتَصِمٌ، وَبِعُرْوَتِكَ الْوُثْقَى مُتَمَسِّكٌ

مناجاة المفتقرين - الصحيفة السجادية
صاحب الدعاء: علي بن الحسين، زين العابدين
الكتاب: الصحيفة السجادية
المؤلف: علي بن الحسين بن أبي طالب
التخريج: مناجاة المفتقرين - الصحيفة السجادية

653 - إِلَهِي، وَسِيلَتِي إِلَيْكَ نِعَمُكَ عَلَيَّ، وَشَفِيعِي إِلَيْكَ إِحْسَانُكَ إِلَيَّ. إِلَهِي، أَدْعُوكَ فِي الْمَلَإِ كَمَا تُدْعَى الأَرْبَابُ، وَأَدْعُوكَ فِي الْخَلاَ كَمَا تُدْعَى الأَحْبَابُ. أَقُولُ فِي الْمَلَإِ: يَا إِلَهِي، وَأَقُولُ فِي الْخَلاَ: يَا حَبِيبِي. أَرْغَبُ إِلَيْكَ وَأَشْهَدُ لَكَ بِالرُّبُوبِيَّةِ، مُقِرًّا بِأَنَّكَ رَبِّي، وَإِلَيْكَ مَرَدِّي، ابْتَدَأْتَنِي بِرَحْمَتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ أَكُونَ شَيْئًا مَذْكُورًا، وَخَلَقْتَنِي مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ أَسْكَنْتَنِي الأَصْلاَبَ وَنَقَلْتَنِي إِلَى الأَرْحَامِ، ثُمَّ أَنْشَأْتَ خَلْقِي مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى، ثُمَّ أَسْكَنْتَنِي فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاَثٍ بَيْنَ دَمٍ وَلَحْمٍ مُلْتَاثٍ، وَكَوَّنْتَنِي فِي غَيْرِ صُورَةِ الإِنَاثِ، ثُمَّ نَشَرْتَنِي إِلَى الدُّنْيَا تَامًّا سَوِيًّا وَحَفِظْتَنِي فِي الْمَهْدِ طِفْلاً صَغِيرًا صَبِيًّا، وَرَزَقْتَنِي مِنَ الغِذَاءِ لَبَنًا مَرِيًّا، وَكَفَّلْتَنِي حُجُورَ الأُمَّهَاتِ، وَأَسْكَنْتَ قُلُوبَهُمْ رِقَّةً لِي وَشَفَقَةً عَلَيَّ، وَرَبَّيْتَنِي بِأَحْسَنِ تَرْبِيَةٍ، وَدَبَّرْتَنِي بِأَحْسَنِ تَدْبِيرٍ، وَكَلَأْتَنِي مِنْ طَوَارِقِ الجِنِّ، وَسَلَّمْتَنِي مِنْ شَيَاطِينِ الإِنْسِ، وَصُنْتَنِي مِنْ زِيَادَةٍ فِي بَدَنِي تَشِينُنِي، وَمِنْ نَقْصٍ فِيهِ يَعِيبُنِي، فَتَبَارَكْتَ رَبِّي وَتَعَالَيْتَ، يَا رَحِيمُ. فَلَمَّا اسْتَهْلَلْتُ بِالكَلاَمِ أَتْمَمْتَ عَلَيَّ سَوَابِغَ الإِنْعَامِ، وَأَنْبَتَّنِي زَائِدًا فِي كُلِّ عَامٍ، فَتَعَالَيْتَ يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ. حَتَّى إِذَا مَلَّكْتَنِي شَأْنِي، وَشَدَدْتَ أَرْكَانِي، أَكْمَلْتَ لِي عَقْلِي، وَأَزَلْتَ حِجَابَ الغَفْلَةِ عَنْ قَلْبِي، وَأَلْهَمْتَنِي النَّظَرَ فِي عَجِيبِ صَنَائِعِكَ وَبَدَائِعِ عَجَائِبِكَ، وَرَفَعْتَ وَأَوْضَحْتَ لِي حُجَّتَكَ، وَدَلَلْتَنِي عَلَى نَفْسِكَ، وَعَرَّفْتَنِي مَا جَاءَتْ بِهِ رُسُلُكَ، وَرَزَقْتَنِي مِنْ أَنْوَاعِ الْمَعَاشِ وَصُنُوفِ الرِّيَاشِ بِمَنِّكَ العَظِيمِ، وَإِحَسَانِكَ القَدِيمِ، وَجَعَلْتَنِي سَوِيًّا. ثُمَّ لَمْ تَرْضَ لِي بِنِعْمَةٍ وَاحِدَةٍ دُونَ أَنْ أَتْمَمْتَ عَلَيَّ جَمِيعَ النِّعَمِ، وَصَرَفْتَ عَنِّي كُلَّ بَلْوَى، وَأَعْلَمْتَنِي الفُجُورَ لِأَجْتَنِبَهُ، وَالتَّقْوَى لِأَقْتَرِفَهَا، وَأَرْشَدْتَنِي إِلَى مَا يُقَرِّبُنِي إِلَيْكَ زُلْفَى، فَإِنْ دَعَوْتُكَ أَجَبْتَنِي، وَإِنْ سَأَلْتُكَ أَعْطَيْتَنِي، وَإِنْ حَمِدْتُكَ شَكَرْتَنِي، وَإِنْ شَكَرْتُكَ زَوَّدْتَنِي. إِلَهِي، فَأَيَّ نِعَمٍ أُحْصِي عَدَدًا؟ وَأَيَّ عَطَائِكَ أَقُومُ بِشُكْرِهِ؟ أَمَا أَسْبَغْتَ عَلَيَّ مِنَ النَّعْمَاءِ أَوْ صَرَفْتَ عَنِّي مِنَ الضَّرَّاءِ؟ إِلَهِي، أَشْهَدُ لَكَ بِمَا شَهِدَ لَكَ بَاطِنِي وَظَاهِرِي وَأَرْكَانِي. إِلَهِي، إِنِّي لاَ أُطِيقُ إِحْصَاءَ نِعَمِكَ، فَكَيْفَ أُطِيقُ شُكْرَكَ عَلَيْهَا؟ وَقَدْ قُلْتَ -وَقَوْلُكَ الْحَقُّ-: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا} (إبراهيم 34، والنحل 18). أَمْ كَيْفَ يَسْتَغْرِقُ شُكْرِي نِعَمَكَ، وَشُكُرُكَ مِنْ أَعْظَمِ النِّعَمِ عِنْدِي، وَأَنْتَ المُنْعِمُ بِهِ عَلَيَّ، كَمَا قُلْتَ سَيِّدِي: {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} (سورة النحل: الآية 53). وَقَدْ صَدَّقْتُ قَوْلَكَ. إِلَهِي وَسَيِّدِي، بَلَّغَتْ رُسُلُكَ بِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيْهِمْ مِنْ وَحْيِكَ، غَيْرَ أَنِّي أَقُولُ بِجُهْدِي، وَمُنْتَهَى عِلْمِي، وَمَجْهُودِ وُسْعِي، وَمَبْلَغَ طَاقَتِي: الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى جَمِيعِ إِحْسَانِهِ، حَمْدًا يَعْدِلُ حَمْدَ الْمَلاَئِكَةِ المُقَرَّبِينَ، وَالأَنْبِيَاءِ وَالمُرْسَلِينَ

حلية الأولياء - لأبي نعيم
صاحب الدعاء: ذو النون المصري
الكتاب: حلية الأولياء
المؤلف: أبو نعيم، أحمد بن عبد الله
التخريج: حلية الأولياء - لأبي نعيم

654 - اللَّهُمَّ إِلَيْكَ تَقْصِدُ رَغْبَتِي، وَإِيَّاكَ أَسْأَلُ حَاجَتِي، وَمِنْكَ أَرْجُو نَجَاحَ طُلْبَتِي، وَبِيَدِكَ مَفَاتِيحُ مَسْأَلَتِي. لاَ أَسْأَلُ الْخَيْرَ إِلاَّ مِنْكَ، وَلاَ أَرْجُوهُ مِنْ غَيْرِكَ، وَلاَ أَيْأَسُ مِنْ رَوْحِكَ بَعْدَ مَعْرِفَتِي بِفَضْلِكَ. يَا مَنْ جَمَعَ كُلّ شَيْءٍ حِكْمَتُهُ، وَيَا مَنْ نَفَذَ كُلَّ شَيْءٍ حُكْمُهُ، يَا مَنِ الكَرِيمُ اسْمُهُ، لاَ أَحَدَ لِي غَيْرَكَ فَأَسْأَلُهُ، وَلاَ أَثِقُ بِسِوَاكَ فَآمَلُهُ، وَلاَ أَجْعَلُ لِغَيْرِكَ مَشِيئَةً مِنْ دُونِكَ أَعْتَصِمُ بِهَا وَأَتَوَكَّلُ عَلَيْهِ. فَمَنْ أَسْأَلُ إِنْ جَهِلْتُكَ، وَبِمَنْ أَثِقُ إِذْ عَرَفْتُكَ. اللَّهُمَّ إِنَّ ثِقَتِي بِكَ، وَإِنْ أَلْهَتْنِي الغَفَلاَتُ عَنْكَ، وَأَبْعَدَتْنِي العَثَرَاتُ مِنْكَ بِالاغْتِرَارِ. يَا مُقِيلَ العَثَرَاتِ، إِنْ لَمْ تَتَلاَفَنِي بِعِصْمَةٍ مِنَ العَثَرَاتِ، فَإِنِّي لاَ أَحُولُ بِعَزِيمَةٍ مِنْ نَفْسِي، وَلاَ أَرُومُ عَلَيَّ خَلِيفَةً بِمَكَانِ أَمْرِي. أَنَا نِعْمَةٌ مِنْكَ، وَأَنَا قَدَرٌ مِنْ قَدَرِكَ، أَجْرِي فِي نِعَمِكَ، وَأَسْرَحُ فِي قَدَرِكَ، أَزْدَادُ عَلَى سَابِقَةِ عِلْمِكَ، وَلاَ أَنْتَقِصُ مِنْ عَزِيمَةِ أَمْرِكَ. فأَسْأَلُكَ يَا مُنْتَهَى السُّؤَالاَتِ، وَأَرْغَبُ إِلَيْكَ يَا مَوْضِعَ الْحَاجَاتِ، سُؤَالَ مَنْ قَدْ كَذَّبَ كُلَّ رَجَاءٍ إِلاَّ مِنْكَ، وَرَغْبَةَ مَنْ رَغِبَ عَنْ كُلِّ ثِقَةٍ إِلاَّ عَنْكَ، أَنْ تَهَبَ لِي إِيمَانًا أَقْدُمُ بِهِ عَلَيْكَ، وَأُوصِلُ بِهِ عِظَمَ الوَسِيلَةِ إِلَيْكَ، وَأَنْ تَهَبَ لِي يَقِينًا لاَ تُوهِنُهُ بِشُبْهَةِ إِفْكٍ، وَلاَ تَهِنُهُ خَطْرَةُ شَكٍّ، تُرْحِبُ بِهِ صَدْرِي، وَتُيَسِّرُ بِهِ أَمْرِي، وَيَأْوِي إِلَى مَحَبَّتِكَ قَلْبِي، حَتَّى لاَ أَلْهُوَ عَنْ شُكْرِكَ، وَلاَ أَنْعَمَ إِلاَّ بِذِكْرِكَ. يَا مَنْ لاَ تَمَلُّ حَلاَوَةَ ذِكْرِهِ أَلْسُنُ الْخَائِفِينَ، وَلاَ تَكِلُّ مِنَ الرَّغَبَاتِ إِلَيْهِ مَدَامِعُ الْخَاشِعِينَ. أَنْتَ مُنْتَهَى سَرَائِرِ قَلْبِي فِي خَفَايَا الكِتَمِ، وَأَنْتَ مَوْضِعُ رَجَائِي بَيْن إِسْرَافِ الظُّلَمِ. مَنْ ذَا الَّذِي ذَاقَ حَلاَوَةَ مُنَاجَاتِكَ فَلَهَا بِمَرْضَاةِ بَشَرٍ عَنْ طَاعَتِكَ وَمَرْضَاتِكَ؟ رَبِّ أَفْنَيْتُ عُمُرِي فِي شِدَّةِ السَّهْوِ عَنْكَ، وَأَبْلَيْتُ شَبَابِي فِي سَكْرَةِ التَّبَاعُدِ مِنْكَ، ثُمَّ لَمْ أَسْتَبْطِئْ لَكَ كَلاَءَةً وَمَنَعَةً فِي أَيَّامِ اغْتِرَارِي بِكَ وَرُكُونِي إِلَى سَبِيلِ سُخْطِكَ، وَعَنْ جَهْلٍ -يَا رَبِّ- قَرَّبَتْنِي الغِرَّةُ إِلَى غَضَبِكَ. أَنَا عَبْدُكَ ابْنُ عَبْدِكَ، قَائِمٌ بَيْنَ يَدَيْكَ، مُتَوَسِّلٌ بِكَرَمِكَ إِلَيْكَ، فَلاَ يُزِلُّنِي عَنْ مُقَامٍ أَقَمْتَنِي فِيهِ غَيْرُكَ، وَلاَ يَنْقُلُنِي مِنْ مَوْقِفِ السَّلاَمَةِ مِنْ نِعَمِكَ إِلاَّ أَنْتَ. أَتَّصِلُ إِلَيْكَ بِمَا كُنْتُ أُوَاجِهُكَ بِهِ مِنْ قِلَّةِ اسْتِحْيَائِي مِنْ نَظَرِكَ، وَأَطْلُبُ العَفْوَ مِنْكَ يَا رَبِّ، إِذِ العَفْوُ نِعْمَةٌ لِكَرَمِكَ. يَا مَنْ يُعْصَى وَيُتَابُ إِلَيْهِ فَيَرْضَى -كَأَنَّهُ لَمْ يُعْصَ- بِكَرَمٍ لاَ يُوصَفُ، وَتَحَنُّنٍ لاَ يُنْعَتُ. يَا حَنَّانُ بِشَفَقَتِهِ، يَا مُتَجَاوِزًا بِعَظَمَتِهِ، لَمْ يَكُنْ لِي حَوْلٌ فَأَنْتَقِلُ عَنْ مَعْصِيَتِكَ إِلاَّ فِي وَقْتٍ أَيْقَظْتَنِي فِيهِ لِمَحَبَّتِكَ، وَكَمَا أَرَدْتَ أَنْ أَكُونَ كُنْتُ، وَكَمَا رَضِيتَ أَنْ أَقُولَ قُلْتُ. خَضَعْتُ لَكَ، وَخَشَعْتُ لَكَ، إِلَهِي، لِتُعِزَّنِي بِإِدْخَالِي فِي طَاعَتِكَ، وَلِتَنْظُرَ إِلَيَّ نَظَرَ مَنْ نَادَيْتَهُ فَأَجَابَكَ، وَاسْتَعْمَلْتَهُ بِمَعُونَتِكَ فَأَطَاعَكَ. يَا قَرِيبُ، لاَ تَبْعُدْ عَنِ المُعْتَزِّينَ. وَيَا وَدُودُ، لاَ تَعْجَلْ عَلَى المُذْنِبِينَ. اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي، يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ

حلية الأولياء - لأبي نعيم
صاحب الدعاء: ذو النون المصري
الكتاب: حلية الأولياء
المؤلف: أبو نعيم، أحمد بن عبد الله
التخريج: حلية الأولياء - لأبي نعيم

655 - سُبْحَانَ مَنْ شَوَّقَ إِلَى عِبَادِهِ المُخْلِصِينَ أَنْفُسَهُمْ، وَأَدْنَى مِنْهُ هِمَمَهُمْ، وَصَفَتْ لَهُ صُدُورُهُمْ. سُبْحَانَ مُوَفِّقِهِمْ، وَمُؤْنِسِ وَحْشَتِهِمْ، وَطَبِيبِ أَسْقَامِهِمْ. إِلَهِي، لَكَ تَوَاضَعَتْ أَبْدَانُهُمْ مِنْكَ إِلَى الزِّيَادَةِ، وَانْبَسَطَتْ أَيْدِيهِمْ بِمَا طَيَّبْتَ بِهِ عَيْشَهُمْ وَأَدَمْتَ بِهِ نَعِيمَهُمْ، فَأَذَقْتَهُمْ مِنْ حَلاَوَةِ الفَهْمِ عَنْكَ، فَفَتَحْتَ لَهُمْ أَبْوَابِ سَمَاوَاتِكَ، وَأَتَحْتَ لَهُمُ الْجَوَازَ فِي مَلَكُوتِكَ. بِكَ آنَسَتْ مَحَبَّةُ المُحِبِّينِ، وَعَلَيْكَ مُعَوَّلُ شَوْفِ المُشْتَاقِينَ، وَإِلَيْكَ حَنَّتْ قُلُوبُ العَارِفِينَ. وَبِكَ آنَسَتْ قُلُوبُ الصَّادِقِينَ، وَعَلَيْكَ عَكَفَتْ رَهْبَةُ الْخَائِفِينَ، وَبِكَ اسْتَجَارَتْ أَفْئِدَةُ المُقَصِّرِينَ، قَدْ بَسَطْتَ الرَّاحَةَ مِنْ فُتُورِهِمْ، وَقَلَّ طَمَعُ الغَفْلَةِ فِيهِمْ، لاَ يَسْكُنُونَ إِلَى مُحَادَثَةِ الفِكْرَةِ فِيمَا لاَ يَعْنِيهِمْ، وَلاَ يَفْتُرُونَ عَنِ التَّعَبِ وَالسَّهَرِ يُنَاجُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ وَيَتَضَرَّعُونَ إِلَيْهِ بِمَسْكَنَتِهِمْ، يَسْأَلُونَهُ العَفْوَ عَنْ زَلاَّتِهِمْ، وَالصَّفْحَ عَمَّا وَقَعَ الْخَطَأُ بِهِ فِي أَعْمَالِهِمْ، فَهُمُ الَّذِينَ ذَابَتْ قُلُوبُهُمْ بِفِكْرِ الأَحْزَانِ، وَخَدَمُوهُ خِدْمَةَ الأَبْرَارِ الَّذِينَ تَدَفَّقَتْ قُلُوبُهُمْ بِبِرِّهِ، وَعَامَلُوهُ بِخَالِصِ مَنْ سَرَّهُ حَتَّى خَفِيَتْ أَعْمَالُهُمْ عَنِ الْحَفَظَةِ، فَوَقَعَ بِهِمْ مَا أَمِلُوا مِنْ عَفْوِهِ، وَوَصَلُوا بِهَا إِلَى مَا أَرَادُوا مِنْ مَحَبَّتِهِ، فَهُمْ –وَاللَّهِ- الزُّهَّادُ وَالسَّادَةُ مِنَ العِبَادِ، الَّذِينَ حَمَلُوا أَثْقَالَ الزَّمَانِ، فَلَمْ يَأْلَمُوا بِحَمْلِهَا. وَقَفُوا فِي مَوَاطِنِ الامْتِحَانِ، فَلَمْ تَزِلَّ أَقْدَامُهُمْ عَنْ مَوَاضِعِهَا، حَتَّى مَالَ بِهِمُ الدَّهْرُ، وَهَانَتْ عَلَيْهِمُ الْمَصَائِبُ، وَذَهَبُوا بِالصِّدْقِ وَالإِخْلاَصِ عَنِ الدُّنْيَا. إِلَهِي، فِيكَ نَالُوا مَا أَمَّلُوا. كُنْتَ لَهُمْ، سَيِّدِي، مُؤَيِّدًا، وَلِعُقُولِهِمْ مُؤَدِّبًا، حَتَّى أَوْصَلْتَهُمْ أَنْتَ إِلَى مَقَامِ الصَّادِقِينِ فِي عَمَلِكَ، وَإِلَى مَنَازِلِ المُخْلِصِينَ فِي مَعْرِفَتِكَ، فَهُمْ إِلَى مَا عِنْدَ سَيِّدِهِمْ مُتَطَلِّعُونَ، وَإِلَى مَا عِنْدَهُ مِنْ وَعِيدِهِ نَاظِرُونَ، ذَهَبَتِ الآلاَمُ عَنْ أَبْدَانِهِمْ لِمَا أَذَاقَهُمْ مِنْ حَلاَوَةِ مُنَاجَاتِهِ، وَلِمَا أَفَادَهُمْ مِنْ ظَرَائِفِ الفَوَائِدِ مِنْ عِنْدِهِ. فَيَا حُسْنَهُمْ وَاللَّيْلُ قَدْ أَقْبَلَ بِجَنَادِبِ ظُلْمَتِهِ وَهَدَأَتْ عَنْهُمْ أَصْوَاتُ خَلِيقَتِهِ وَقَدِمُوا إِلَى سَيِّدِهِمُ الَّذِينَ لَهُ يَأْمَلُونَ. فَلَوْ رَأَيْتَ أَيُّهَا البَطَّالُ أَحَدَهُمْ وَقَدْ قَامَ إِلَى صَلاَتِهِ وَقِرَاءَتِهِ، فَلَمَّا وَقَفَ فِي مِحْرَابِهِ وَاسْتَفْتَحَ كَلاَمَ سَيِّدِهِ، خَطَرَ عَلَى قَلْبِهِ وَذَهَلَ عَقْلُهُ. فَقُلُوبُهُمْ فِي مَلَكُوتِ السَّمَوَاتِ مُعَلَّقَةٌ، وَأَبْدَانُهُمْ بَيْنَ أَيْدِي الْخَلاَئِقِ عَارِيَةٌ، وَهُمُومُهُمْ بِالفِكْرِ دَائِمَةٌ. فَمَا ظَنُّكَ بِأَقْوَامٍ أَخْيَارٍ أَبْرَارٍ وَقَدْ خَرَجُوا مِنْ رِقِّ الغَفْلَةِ، وَاسْتَرَاحُوا مِنْ وَثَائِقِ الفَتْرَةِ، وَأَنِسُوا بِيَقِينِ الْمَعْرِفَةِ وَسَكَنُوا إِلَى رُوحِ الجِهَادِ وَالمُرَاقَبَةِ. بَلَّغَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ هَذِهِ الدَّرَجَةَ

حلية الأولياء - لأبي نعيم
صاحب الدعاء: ذو النون المصري
الكتاب: حلية الأولياء
المؤلف: أبو نعيم، أحمد بن عبد الله
التخريج: حلية الأولياء - لأبي نعيم